مال و اعمال

صيغ التمويل الاسلامية ومتطلبات الاقتصاد الحديث

 

بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم ابراهيم

لم يقدم القرآن والسنة تفاصيل دقيقة حول صيغ التمويل أو المعاملات المالية، بل اكتفيا ببيان المبادئ العامة مثل تحريم الربا والغرر والاحتكار، وإباحة البيع والربح المشروع، وهو ما أفسح المجال أمام الاجتهاد الفقهي عبر العصور. فالصيغ الإسلامية المعروفة اليوم، مثل المضاربة والشراكة والبيع والإجارة، هي اجتهادات فقهية قديمة جرى توظيفها في العصر الحديث بشكل مصرفي منظم، وأثبتت صلاحيتها في التطبيق. ومع تطور الأنظمة المصرفية، ظهرت محاولات لتطوير هذه الصيغ أو ابتكار أدوات جديدة، لكن أغلبها لم يواكب بالكامل متطلبات الاقتصاد الحديث، رغم وجود مؤسسات وهيئات حاولت وضع معايير حديثة تضمن توافقها مع الشريعة. اليوم توجد فرصة حقيقية لإعادة التفكير في تطوير أدوات التمويل الإسلامية، شريطة أن تظل منسجمة مع مقاصد الشريعة، وأن يتحلى التشريع الفقهي بالمرونة الكافية لمواكبة التطور المالي والتقني. أما بالنسبة لغير المسلمين، فقد استلهمت بعض الدول مثل بريطانيا وسنغافورة نماذج تمويل إسلامية لأسباب اقتصادية بحتة، لأنها تقوم على تقاسم المخاطر والشفافية، دون أي التزام ديني. ويمكن بالفعل تصميم أدوات تمويل بديلة لسعر الفائدة مستوحاة من الصيغ الإسلامية، دون تغيير كبير في القوانين المصرفية، لتناسب احتياجاتهم المختلفة. فهذه الصيغ بطبيعتها شاملة، وتغطي مختلف أنواع التمويل سواء القائم على المشاركة أو العائد الثابت، لكن نجاح تطبيقها يعتمد على مدى ملاءمتها للإطار القانوني والتنظيمي في كل دولة او قبول النظم الحاليه لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى